يصاب البعض بحالة اكتئاب في هذا الشهر الفضيل بسبب تكبيل شياطين الجن، فيسعى لسد فراغهم، وذلك بالقيام بأدوار بديلة عنهم!

***

قبل أيام كتب أحمد الصراف مقالا ساخطا على المجتمع الكويتي بعد أن انتشرت صور الإقبال الكبير لنساء الكويت على إحياء ليالي العشر الأواخر من رمضان بالقيام والتهجد.

شاهد المقطع (صلاة القيام)

هذا المنظر الجميل أثار حفيظة الصراف، فلجأ إلى تفسير هذا الإقبال بطريقة مضحكة، ومثيرة للشفقة في ذات الوقت، بسبب حالة الإنكار التي يعيشها الكاتب.

تمثلت حالة الإنكار “المَرَضِية” التي يعيشها الصراف بتفسير هذا الإقبال النسائي الكبير بأنه “عرض قوة” من قبل الأحزاب الدينية المؤدلجة  وأن هؤلاء النساء المصليات قد تم تجميعهن من قبل “أذناب الإخوان” ، وأنهن لا يمثلن أغلبية نساء المجتمع !

لا يمكن تخيل حالة الحقد التي تعمي العقل قبل القلب، وتجعل صاحبها يتفوه بمثل هذه القصص الخيالية، والأحكام المضللة، والإدعاءات الباطلة، التي تعبر في حقيقتها عن حنق تجاه المجتمع، ولكنها تغلف بالهجوم على الجماعات الدينية، وهي العملة الرائجة هذه الأيام!!

لا أدري ما حجم الثقة التي يملكها إنسان يحمل مثل هذه التصورات المُعتَلّة، كي يعرض عقله على الناس، ويكشف عن ضحالته، ليثير الضحك والاشمئزاز في ذات الوقت!

ما يمكن قوله – لإغاظة الصراف أكثر- أن المَقاطع المنتشرة لنساء الكويت وهن يؤدين صلاة القيام هي في حقيقتها أقل بكثير من الواقع، فالأرقام المعلنة في المسجد الكبير وحده -وهو يمثل مسجدا واحدا فقط من مساجد الكويت- حوالي ١٨٠ ألف مصل، أكثر من نصفهم نساء، وذلك خلال السنوات الماضية قبل “كورونا”

هذه الآلاف في نظر الصراف تتحرك بأمر من الأحزاب الدينية المؤدلجة!

هذه الآلاف في نظر الصراف لا تتجاوز ألف امرأة!

هذه الآلاف في مخيلة الصراف يتم تجميعهم من قبل أذناب الإخوان!

هل بلغ العقل الليبرالي إلى هذا الحد من السخف، والاستخفاف بعقول الآخرين، وإنكار الواقع؟!

تصوير الواقع الكويتي بهذه الطريقة الهزلية يسيئ إلى صاحبه قبل أن يسيئ إلى الأطراف التي يتهمها.. وقبل أن يسي إلى المجتمع!

أبشرك يا الصراف.. الواقع أكبر بكثير من الأرقام الكبيرة المعلنة، وسترى في الأيام القادمة ما يسوؤك أكثر!

أما أرقامك المتوَهمة فهي تعبر عن عقل يفكر بأمنياته لا بالحقائق، وإلا فإن أدنى التفاتة للواقع والأرقام، تكشف حجم خداع الذات الذي تعيشه وتمارسه وتحاول نشره.. والذي أتمنى أن تُشفى منه قريبا!

أتفهم جدا أن يكون هناك مناهضون للحركات الإسلامية، وهناك معارضون لوجودهم، لكن غير المفهوم أن يلجأ إنسان -يفترض عنده شيء من عقل- إلى تزوير الوقائع والأحداث بمثل هذه التفسيرات التي لا يمكن التسليم بسلامة القدرات الذهنية لصاحبها!

***

في ذات المقال يمارس الصراف تضليلا آخر، بادعائه إظهار تلفزيون الكويت أحد الشخصيات من التيار الإسلامي على الشاشة، وإعطائه مبلغ ٤آلاف دينار يوميا مقابل ظهوره!!!

هنا يمارس الصراف نوعا من الاستذكاء المكشوف، والتدليس المفضوح في حق الدكتور محمد العوضي، وقد سبق أن أشار إلى ذات المعلومة بشكل مختلف على حسابه في تويتر

لا أدري إن كان الصراف يجهل أم يتجاهل أن المبلغ المذكور في جدول تعاقدات تلفزيون الكويت هو كُلفة البرنامج على شركة الانتاج، وليست مكافأة مقدم البرنامج، وهذا المبلغ الذي يمثل الكُلفة يعتبر أقل من كُلفة عموم البرامج “الحصرية” لتلفزيون الكويت، فهل قام الصراف بمقارنة كُلفة هذا البرنامج مع غيره برامج التلفزيون؟! أم أن الحقد جعله يتعامى عن تكاليف بقية البرامج، ويركز فقط على برنامج العوضي، ويوهم الناس بأن المبلغ المذكور عبارة عن منحة أو مكافأة ذهبت إلى جيب د. العوضي!!!!

ولوضع الأمور في نصابها أكثر، وللمزيد من كشف تضليل الصراف، فإن مبلغ الـ120 ألف المعلن عنه يتضمن: كُلفة استئجار مواقع التصوير المتعددة+ كلفة بناء استيديو + مصاريف الإنتاج + مكافأة المخرج ومساعديه + مكافأة فريق الإعداد + مصاريف انتاج تقارير داخل الكويت وخارجها + مصاريف المصورين + مهندس الإضاءة + مهندس الصوت +استئجار المعدات + جرافيكس + أنشودة البداية الخاصة للبرنامج.. وغيرها من مصاريف اعتيادية -بل أقل من اعتيادية- في كل عمل تلفزيوني!! ومن ضمن كل ذلك مكافأة مقدم البرنامج وهي مكافأة اعتيادية لا تختلف كثيرا عن المكافأة الممنوحة له منذ سنوات، بل قد تكون أقل، وكل من يعمل في انتاج البرامج التلفزيونية يعرف تماما طبيعة هذه التكاليف والمصاريف، وقد أشارت إلى ذلك الإعلامية القديرة سلوى حسين:

عزيزي الصراف.. إِكِرَه العوضي كما تشاء، وواجه أفكاره وفندها، واضرب حُجَجَه بحجتك، وانقض فكره بفكرك، أما أن يتحول الأمر إلى ما يشبه العُقدة التي تُلجؤك إلى لَيْ أعناق الحقائق، وتشويه الوقائع، والاتهام بالباطل، فهذا هو الإفلاس بعينه، والتضليل بذاته.. والذي نرى من الواجب التصدي له وتعريته!

أخيرا.. إذا كان الصراف هو الوجه المقبول والعقل المستنير لليبرالية الكويتية أو الخليجية.. فما أعظم نكبتها به، وما أشد بلاءها بأمثاله.. وأحسن الله عزاءكم في ليبراليتكم!

***

عود على بدء.. قريبا ينتهي رمضان، لتنطلق شياطين الجن الذين يتقنون أدوارهم أكثر من شياطين الإنس المضروبة..

فاللهم اعصمنا من شرور الإثنين!

Scroll to Top