انعدام الأمل يقضي على الإنسان.. يدمر كيانه.. يجعله خاويا أمام تقلبات الأحداث، مستسلما أمام تصاريف الزمان، من هنا كان واجب الإنسان أن يُبقى جذوة الأمل مشتعلة، فبدونها لن يحيا الأنسان حياة طيبة، بل الحياة جحيما لا يطاق.

وأعظم الأمل هو الأمل بالله.. برحمته.. بمغفرته.. برضوانه، مهما قصّر الإنسان وعصى وارتكب من الأخطاء، يبقى الأمل في الله واجبا، فباب المغفرة لن يغلق حتى تخرج الشمس من مغربها، مِن هنا يحاول ابن عطاء الله أن يلفت الانتباه إلى باب الأمل المفتوح، فيقول: “إذا وقع منك ذنبٌ فلا يكن سببا ليأسك من حصول الاستقامة مع ربك، فقد يكون ذلك آخرَ ذنب قَدّره عليك” فالذنب ليس نهاية المطاف وإن تكرر، ووقوع الإنسان في الذنب لا يمنع حصول الاستقامة، خصوصا إذا لم يصاحبه إصرار، أو لم يعقد العزم على الإقامة عليه، فلا يقطع الرجاء من أن يكون ذلك الذنب هو آخر ذنوبه، بل قد يكون بابا للرجوع والإنابة إلى الله، يقول الغزالي: “فما أصرَّ مَن استغفر ولو عاد إلى الذنب في اليوم سبعين مرة”

ثم يعالج ابن عطاء الله حالة تصيب بعضا من أهل الطاعة والتدين، وهي الاغترار بالعمل، وتعظيم الذات بسبب الالتزام بأوامر الله، إلى درجة ازدراء المقصرين في حق الله، والتعالي عليهم، فربما يطَّلع المقيم على الطاعة على ذنوب المذنبين وأخطائهم، ويقف على جوانب التقصير منهم، فلا ينظر إليهم بعين الرحمة والهداية، بل بعين التشفي والترصد، بنظرة يملؤها التعالي والاغترار بالنفس وبالعمل، وما وُفّق إليه من طاعة واستقامة، فتكون تلك النظرة سببا فى إحباط عمله، وحجب القبول عنه “من اطلع على أسرار العباد و لم يتحقق بالرحمة الإلهية، كان اطلاعه فتنة عليه، وسببا لجر الوبال عليه”، وهذا الوبال يقع عليه من ثلاث جهات، وهي أنه : 

1- زكى نفسه برؤية الفضل لها. 

2- ضيّق رحمة الله على عباده المذنبين .

3- آذى عباد الله بهتك أستارهم.

هذه الأيام المباركة فرصة لاستشعار صفة الرحمة.. عندما نطيل الوقوف بين يدي الله، فهو الذي يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار، ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل، فمهما عظمت الذنوب، فإن عفو الله أعظم..

يامن عدى، ثم اعتدى، ثم اقترف *** ثم ارعوى، ثم انتهى، ثم اعترف

أبشر بقول الله في تنزيله *** {إن ينتهوا يُغفر لهم ما قد سلف}

Scroll to Top